راي

*شاهيناز القرشي تكتب ..* *تصنيف الكيزان كإرهابيين، وخطوط مصر الحمراء، هل تم استبعاد الإمارات وحدها؟ وفضيحة التجسس الأمريكي على الحكومة السودانية* ــ * بعانخي برس*

بعانخي برس

 

 

**شاهيناز القرشي**
أول موقف يجب الإشارة إليه هو الموقف العام للكيزان، لأنه الموقف الذي ستُبنى عليه كل التحركات الإقليمية والعالمية القادمة، والذي أصبح لا يتحمل الاختباء خلف واجهات ولا مؤسسات. وقريبًا جدًا ستنحصر خياراتهم في الإعلان عن وجودهم وسيطرتهم على الجيش والدولة وإدارتهم للحرب عبر منصاتهم الرسمية، وليس عبر تسريب مخاطبات كيزان الصف الثاني. في الفترة القادمة سيُخرس الكيزان كل الأصوات التي تقول: لا وجود للكيزان، والكيزان انتهوا؛ لأن هذه الإشاعة أصبحت مرفوضة من قبل الكيزان أنفسهم. كانوا يستخدمونها أول أيام الثورة لتمرير أجندتهم عبر مؤسسات الدولة. الآن الكوز يريد إثبات وجوده وسيطرته لأنه يريد أن يحكم ويتحكم في الثروة والسلطة ويمنح ويمنع، يريد أن يفاوض باسمه ويحصل على مكتسبات باسمه، فقد خسروا الكثير جدًا في فترة الاختباء القصيرة، وتعلّموا أن من يمسك بالقلم – البرهان مثال – سيكتب لنفسه تحالفات جديدة تضعفهم، وكادوا أن يخسروا كل شيء مع توقيع الاتفاق الإطاري، لولا عون الشيطان وقيام الحرب.
بعد عودة البرهان من السعودية اتجه إلى مصر مباشرة، لتعلن مصر أقوى بيان لها منذ بدء الحرب، ولوّحت فيه بتحركات فُسرت من البعض على أنها عسكرية في حالة تهديد أمنها القومي. ولكن من يعرف مصر ونهجها العسكري يعلم أنها لن تخوض حربًا مباشرة إلا إذا وصل الأمر إلى داخل الحدود المصرية بشكل فعلي، وليس بشكل اعتباري. إذن ما الغرض من هذا البيان الذي هدّد بالتدخل ونفى وجود الإخوان المسلمين في الجيش السوداني؟ هذا هو الاعتراض المصري على استبعاد مصر من المناقشات الأخيرة لملف السودان كما استُبعدت الإمارات، حيث اقتصر الأمر على السعودية وأمريكا. تريد مصر أن تكون دولة لا يمكن تخطيها وتهميش دورها، وإلا ستسبّب الكثير من الإزعاج. فمصر تعلم أن تجاهل الإمارات شكلي بحكم امتلاك الإمارات لأدوات تفرض وجودها أكثر من الأدوات التي تملكها مصر. بدليل أن وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيرو، وعقب البيان المصري، تواصل مع مسؤولين سعوديين وإماراتيين لتنسيق المواقف متجاهلاً مصر. وتحاول المخابرات المصرية تمرير فكرة أن تواصل وزير الخارجية مع الدولتين المذكورتين كان لمناقشة الأوضاع في اليمن بشكل غير معلن. وهنا يأتي السؤال: ما الذي يجبر أمريكا على إعلان تواصلها مع هؤلاء المسؤولين إن كان لأمر يجب ألّا يُعلن؟ فأمريكا لديها القدرة على جعل الأمر سريًا بكل بساطة.
بشكل عام يبدو أن السعودية استطاعت الإمساك بملف السودان كاملًا وأصبحت المحرك الرئيسي للمواقف. ومحاولة الحكومة السودانية إضعاف القبضة السعودية عبر البيان المصري هي محاولة ضعيفة ولن تربح منها الكثير، فمصر نفسها لا تستطيع الابتعاد كثيرًا عن المواقف السعودية الأمريكية الإماراتية، وإلا ستضع نفسها في موقف الداعم للجماعات الإرهابية.
مع مطلع الأسبوع المقبل سيُصنَّف الإخوان المسلمون، ومن ضمنهم كيزان السودان، كجماعة إرهابية. وهنا سيُوضع السودان بين خيارين، والكيزان كذلك. خيارات السودان هي التملص من الحركة الإسلامية بشكل فعلي، والتحرك ضدهم، وفضح كل ما فعلوه، أو التمسك بالكيزان والسقوط معهم إلى الهاوية. والخيار الأول للكيزان هو الهروب، وهنا سيهرب كبارهم فقط والقابضون على حمرة المال، بينما سيتشرد الكثير من العضوية العادية وستتقطع بهم السبل، وسيواجهون عقوبات من الدولة. والخيار الثاني هو إجبار الدولة على تبني موقف مناصر لهم عبر فكرة: هذا تدخل في السيادة الوطنية، وهنا سنصل إلى نفس الهاوية. إذن الفترة القادمة ستكشف حقيقة سيطرة الكيزان بشكل لا يقبل الجدل.
وعندها سيحدد العالم والاقليم كيفية التعامل مع الحالة السودانية، هل سيصبح السودان حليف لأمريكا أم عدو لها وللدول الاقليمية التي تتبنى نفس الموقف الأمريكي؟
فضيحة تجسس أمريكا على العالم ومن ضمنهم السودان
المعلومات التي تمتلكها أمريكا عن الكيزان وتحركاتهم وأموالهم وكل شيء، مصدرها المراسلات الحكومية الداخلية المشفرة، حيث تم اكتشاف اختراق الـCIA لأجهزة التشفير التابعة لشركة “كريبتو إيه جي” السويسرية التي يستخدمها السودان منذ منتصف الثمانينيات. بل تم إثبات أن هذه الشركة ملك للمخابرات الأمريكية، والتي كانت تبيع أجهزة ذات تأمين عالٍ، ولكنها في الحقيقة تفك التشفير وترسل كل الرسائل الحكومية إلى المخابرات الأمريكية. وتلك الأجهزة كانت معتمدة لدى كثير من دول العالم، حتى الأوروبية الحليفة لأمريكا، ولم تتورع أمريكا عن التجسس عليهم. وتم اكتشاف هذا الاختراق في سنة 2020 بعد أن ظلت هذه الحكومات تستخدم أجهزة “كريبتو إيه” لعقود. إذن معلومات أمريكا ليست من المعارضة ولا تقارير استخباراتية ولا معلومات غير موثقة، بل هي مراسلات الحكومة نفسها بينها وبين أجهزتها، خصوصًا السفارات. فعندما تخبرك أمريكا عن سيطرة الإخوان المسلمين على الجيش والدولة فهي لا تتحدث عن أمر ظني، وعندما تخرج القوائم على الطاولة لن ينفع معها الإنكار، فالأمر مؤكد ومثبت، لذلك ستكون فرص المناورة معدومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى