
سأعرض لكم جزءًا من مقال كتبته قبل سنة 4/11/2024.
ستجد أن هذا الجزء يتحدث عن الخلافات التي تدور داخل السلطة اليوم وكأن المقال مكتوب اليوم. هذا التشابه لم يأتِ بالصدفة، وكذلك لم يأتِ لأني زرقاء اليمامة، بل هو التطور الطبيعي للأحداث. في بعض الأحيان يتأخر هذا التطور بسبب المصالح المتضاربة والمخاوف والتحالفات، ولكنه آتٍ آتٍ. ما يحدث في السودان طريق له نهاية من اثنين: الأول انقلاب البرهان مع تحالفاته ضد الإخوان المسلمين، أو انقلاب الإخوان المسلمين وتحالفاتهم ضد البرهان. ولكل انقلاب تبعاته على الأرض. في كل الحالات ستخرج الكثير من الملفات الفضائحية في محاولة لجرّ الشعب السوداني إلى اتجاه الناشر باعتباره الطرف الأصدق. على العموم، ما يحدث الآن في بورتسودان هو اختلاف مصالح إخوة الحرب بين من سيخسر كل مكاسبه المادية وبين من سيحتفظ بمكاسبه وربما يزداد كيل وزير.
أترككم الآن مع جزء من مقال كتب قبل سنة عن الانقلاب الذي يدق الباب.
إذا حدث انقلاب صريح أو انقلاب غير صريح فلن يمر مرور الكرام، وبما أنّ البرهان هو طرف أصيل في الانقلاب القادم باعتباره إما أن ينفذ الانقلاب أو يُنفَّذ عليه، إذن هو من سيقوم بتحركات في كل الحالات. تحركات البرهان لن تكون عنيفة ولكنها ستكون ثعبانية تشبه طريقته في كل شيء، كما أنه لا يحتاج لتحركات واسعة. يمكنه أن يقطع أوصال المؤامرة ويجعلها بلا فاعلية بضربها في مفاصل معينة، إما بقطع التمويل أو التسليح أو حتى العزل الوظيفي ووضع العراقيل أمامهم وإدخال لاعبين جدد. أما الطرف الذي يريد العمل ضد البرهان في هذه الظروف فهو المطالب بعمل ضخم ليستطيع السيطرة على الآثار المترتبة على هذا التغيير. فالبرهان، الرجل الذي جمع السلطات في يده، يعتبر آخر وجه عسكري مقبول لعدد من الجهات الفاعلة في الشأن السوداني وعلى رأسها مصر. وعلى الرغم من ذلك لا زالت الكثير من دول ومؤسسات العالم تتعامل مع البرهان كانقلابي وتجمّد عضوية السودان وتمنع المساعدات عن الحكومة. ولكنه يتمتع بشرعية الوثيقة الدستورية ولديه تفاهمات أعقبت الانقلاب مع بعض الجهات التي كانت تسعى لإعادة المسار الديمقراطي. والانقلاب عليه يعني بروز وجوه إما مرفوضة لانتمائها للجبهة الإسلامية أو وجوه مجهولة سيحدد العالم موقفه منها مع أول تصريح وتصرف، ولتنال القبول يجب عليها أن تتناغم بسرعة مع الجهات الضالعة في إيقاف الحرب، وهذه خطوة ضد مصالحهم وأهدافهم. لذلك، خطوة التخلص من البرهان من الممكن أن تتحول إلى انهيار دراماتيكي في العلاقات والمواقف الخارجية، ولا أستبعد أن تتدخل دولة جارة بشكل عنيف ومباشر في حالة الانقلاب على البرهان الذي جعل التحالف السوداني معها شخصيًا ويرتبط بوجوده.
بالنسبة لي، صناعة الميليشيات في الشرق، والتسريبات الصحفية، وحديث ياسر العطا هو تهيئة للأرض لتغيير تعد له الجهتان، وليس بالضرورة أن يكون هذا التغيير ذو تأثير خطير على مجريات الحرب، ولكنه بلا شك ذو تأثير كبير على أجنحة الحركة الإسلامية وعلى تماسك الجيش في هذه الظروف الصعبة.
				
					


