شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ـ نداء للجالية السودانية بالتضامن في مبادرة ترشيد استهلاك المياه – بعانخي برس
بعانخي برس
تواجه مصر والسودان، شقيقتان في قلب القارة الأفريقية، تحدياً وجودياً يتمثل في ندرة المياه وتزايد الطلب عليها. إن مبادرة “على القد” التي أطلقها وزير الري المصري، والتي تستهدف خفض استهلاك المياه في مصر بنسبة 40%، تأتي في وقتها بالغ الأهمية، وتدعو إلى التضافر والتعاون بين الشعبين الشقيقين لمواجهة هذا التحدي المشترك.
إن الدعوة إلى ترشيد استهلاك المياه ليست مجرد شعار، بل هي ضرورة ملحة تفرضها الظروف المناخية المتغيرة والتزايد السكاني. محدودية الموارد المائية في المنطقة، وخاصة الاعتماد الكبير على نهر النيل، تجعل من الحفاظ على كل قطرة ماء أمراً بالغ الأهمية.
يشير وزير الري المصري إلى أن أكثر من 70% من المياه في مصر تذهب للزراعة، وهو ما يؤكد أهمية تبني أساليب ري حديثة وفعالة، وتشجيع المزارعين على استخدام تقنيات تقلل من هدر المياه. كما أن الاستخدامات المنزلية تشكل نسبة كبيرة من استهلاك المياه، مما يتطلب من الأفراد تبني عادات استهلاك رشيدة في حياتهم اليومية.
إن مشاركة الجالية السودانية في هذه المبادرة تعكس عمق العلاقات التاريخية والثقافية التي تربط الشعبين الشقيقين. بالتضامن في مواجهة التحديات المشتركة هو أساس بناء مستقبل مستدام للمنطقة. يمكن للجالية السودانية أن تلعب دوراً محورياً في نشر الوعي بأهمية ترشيد استهلاك المياه بين أفرادها، وتشجيعهم على المشاركة الفعالة في هذه الحملة.
تتجاوز أزمة المياه في مصر والسودان حدود ندرة الموارد المائية. فهي مرتبطة بتغيرات المناخ التي تؤثر على أنماط هطول الأمطار وتوزيع الموارد المائية، وتتسبب في زيادة حدة الجفاف والفيضانات. كما أن النمو السكاني المتسارع يزيد الضغط على الموارد المائية المتاحة.
لمواجهة هذه التحديات، يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات الشاملة، والتي تشمل ترشيد الاستهلاك على جميع المستويات من الفرد إلى المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، وتطوير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وتقليل الفاقد من المياه، وتبني تكنولوجيات حديثة في مجال إدارة الموارد المائية، مثل أنظمة الري الذكية ومعالجة المياه وتشجيع الزراعة المستدامة التي تعتمد على تقليل استخدام المياه والأسمدة الكيماوية، والتعاون الإقليمي لبناء توافق في الآراء حول إدارة الموارد المائية المشتركة.
يلعب الإعلام دوراً حيوياً في توعية الجمهور بأهمية ترشيد استهلاك المياه، وتسليط الضوء على الجهود المبذولة في هذا الصدد. يمكن للإعلام أن يساهم في نشر الوعي بأفضل الممارسات في مجال ترشيد الاستهلاك، وتقديم الحلول المبتكرة لمواجهة تحديات المياه.
إن مبادرة “على القد” تمثل خطوة مهمة في طريق تحقيق الأمن المائي في مصر. ولكن لتحقيق أهداف هذه المبادرة، يتطلب الأمر تضافر جهود جميع الأطراف، من الحكومة إلى القطاع الخاص والمجتمع المدني والأفراد. المياه هي أساس الحياة، والحفاظ عليها مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع.
دعونا نجعل من ترشيد استهلاك المياه جزءًا من ثقافتنا اليومية، ونعلم أطفالنا أهمية الحفاظ على هذا المورد الثمين. فبالتعاون والتكاتف، يمكننا أن نحقق مستقبلًا مستدامًا لأجيالنا القادمة.