راي

شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ “مصر والسودان إيد واحدة”: عودة كريمة تعكس أواصر الأخوة ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

تتجلى أسمى معاني الأخوة والتعاون بين الدول في الأوقات العصيبة، وهذا ما نشهده بوضوح في مشروع العودة الطوعية للسودانيين من جمهورية مصر العربية إلى بلادهم. ففي ظل الظروف الراهنة التي يمر بها السودان الشقيق، تؤكد هذه المبادرة، التي دخلت مرحلتها الثانية، على عمق العلاقات التاريخية والمتينة التي تجمع بين مصر والسودان، وتُجسّد شعار “مصر والسودان إيد واحدة” في أبهى صوره.
بعد نجاح المرحلة الأولى من المشروع، التي شهدت عودة أكثر من 10 آلاف سوداني عبر 186 رحلة بالحافلات، تأتي المرحلة الثانية لتمثل نقلة نوعية في تسهيل عودة الأشقاء السودانيين. يتمثل هذا التطور في الانتقال من استخدام الحافلات إلى تخصيص قطارات أسبوعية مجانية، تنطلق من القاهرة وصولاً إلى أسوان، ومن ثم إلى الخرطوم. هذه الخطوة ليست مجرد تغيير في وسيلة النقل، بل هي دليل على الاهتمام البالغ براحة وكرامة العائدين، وتأكيد على سعي الجهات المنظمة لتجويد الأداء وتقديم أفضل الخدمات لهذه الأعداد المتزايدة من الراغبين في العودة.
إن تحمل منظومة الصناعات الدفاعية السودانية لكامل التكاليف، بما في ذلك مصاريف النقل والرسوم والوجبات الغذائية حتى وصولهم الخرطوم، يعكس التزاماً كبيراً بتقديم دعم شامل للعائدين. وهذا يُعد نموذجاً يحتذى به في التكافل والمسؤولية تجاه المواطنين في أوقات المحن.
يُبرز البيان الصادر عن منظومة الصناعات الدفاعية السودانية الدور المحوري والداعم الذي لعبته جمهورية مصر العربية في إنجاح هذا المشروع. فلقد حظي مشروع العودة الطوعية باهتمام ودعم ورعاية من معالي الفريق كامل الوزير، وزير الصناعة والنقل ونائب رئيس مجلس الوزراء المصري. إن تخصيصه قطارات أسبوعية لعودة السودانيين، وتوجيهه بمعاملة السودانيين أسوة بأشقائهم المصريين، يترجم بوضوح الموقف المصري الثابت تجاه دعم الشعب السوداني. هذا الدعم ليس غريباً على مصر، التي استضافت أعداداً غفيرة من السودانيين طيلة فترة الحرب، وقدمت لهم كل التسهيلات الممكنة. إن كلمات الشكر التي وجهتها المنظومة للرئيس السيسي والحكومة والشعب المصري ليست مجرد كلمات، بل هي اعتراف عميق بجميل مصر وتأكيد على أن العلاقات بين البلدين تتجاوز حدود الجغرافيا لتصل إلى روابط الدم والأخوة.
إن نجاح مشروع بهذه الضخامة يعتمد بشكل كبير على التنسيق الفعال بين الأطراف المعنية. وهنا، يبرز الدور الهام لسفارة السودان بالقاهرة والسفير السوداني عماد الدين عدوي، الذين بذلوا جهوداً حثيثة بالتنسيق مع منظومة الصناعات الدفاعية لتنظيم هذه العملية اللوجستية المعقدة. هذا التنسيق المثمر بين الجهات السودانية والمصرية يعكس شراكة حقيقية تهدف إلى تحقيق مصلحة الشعب السوداني، وتذليل كافة العقبات التي قد تواجه العائدين.
في ختام هذا المقال، يمكن القول إن مشروع العودة الطوعية للسودانيين من مصر، بمراحله وتطوراته، يحمل في طياته رسالة أمل قوية. إنه يؤكد على أن الأزمات مهما بلغت شدتها، فإنها تُظهر معادن الشعوب والدول الأصيلة. إن هذا المشروع ليس مجرد عملية نقل لأفراد، بل هو تعبير عن التلاحم الوطني، ورمز للعزيمة والإصرار على تجاوز المحن. كما أنه يعزز الصورة الإيجابية للعلاقات المصرية السودانية، ويؤكد أن “مصر والسودان إيد واحدة” ليس مجرد شعار، بل هو حقيقة واقعة تتجسد في كل خطوة ومبادرة تخدم مصالح الشعبين الشقيقين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى