راي

شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ جيش الشعب: عيد الكرامة والتحدي ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

في الرابع عشر من أغسطس من كل عام، يجدد الشعب السوداني عهده مع مؤسسته العسكرية، محتفيًا بعيد الجيش السوداني. هذا العيد ليس مجرد ذكرى عابرة، بل هو لحظة تأمل في مسيرة طويلة من التضحية والفداء، وتأكيد على دور الجيش كحصن منيع لوحدة الوطن وسيادته. منذ تأسيسه الرسمي في عام 1954، ظل الجيش السوداني يجسد أسمى معاني الولاء للبلاد، محتضنًا في صفوفه أبناء الشعب ليقفوا حراسًا على أرضه وعرضه.
على مدار عقود، واجهت القوات المسلحة السودانية تحديات جسامًا. من الدفاع عن الحدود ضد الاعتداءات الخارجية، إلى مواجهة التمردات الداخلية، وصولًا إلى المشاركة في عمليات حفظ السلام الدولية. هذه التحديات صقلت من خبرة الجيش وقوته، وأكدت على دوره المحوري في الحفاظ على استقرار السودان. لكن التحدي الأكبر والأكثر خطورة في تاريخه الحديث بدأ في أبريل 2023، عندما تعرضت البلاد لمؤامرة غير مسبوقة تمثلت في تمرد مسلح واسع النطاق استهدف كيان الدولة ومؤسساتها، ووضع وجود السودان ذاته على المحك.
في خضم هذه المعركة المصيرية، التي أطلق عليها بحق “حرب الكرامة”، أظهر الجيش السوداني صلابة استثنائية وقدرة فائقة على الصمود والمناورة. بقيادة حكيمة وأفراد أثبتوا شجاعة نادرة، تمكن الجيش من تحقيق انتصارات حاسمة. لم تقتصر هذه الانتصارات على تحرير مساحات شاسعة من الأراضي واستعادة مدن استراتيجية مثل الخرطوم ومدني وسنار، بل شملت أيضًا تحجيم القدرات القتالية للميليشيا المتمردة بنسبة تزيد عن 70%، وفقًا لتقديرات المصادر العسكرية. لقد أدارت القيادة العامة للقوات المسلحة هذه المعركة بتكتيك عسكري محكم، يوازن بين الحسم الميداني الضروري وبين الحفاظ على أرواح المدنيين والبنية التحتية، رغم المحاولات اليائسة للميليشيا لجر البلاد إلى فوضى شاملة.
إن هذه الانتصارات لم تأتِ من فراغ، بل هي ثمرة لتضحيات عظيمة ودماء زكية سُفكت على مذبح الوطن. إنها دليل على التلاحم الفريد بين الجيش والشعب، الذي تجسد في شعار “جيش واحد، شعب واحد”. هذا التلاحم هو الذي شكل الجبهة الداخلية القوية التي ساندت الجيش ودعمته حتى تحققت هذه الانتصارات. عيد الجيش هذا العام ليس احتفالًا عاديًا، بل هو تجديد لعهد الوفاء للشهداء، وتكريم للجرحى، وتأكيد على استمرار المعركة حتى استكمال النصر القريب. إنه دعوة لتعزيز الوحدة الوطنية وتوحيد الصفوف لمواجهة التحديات المستقبلية.
في هذه المناسبة، يرفع الشعب السوداني قبعته احترامًا وتقديرًا لقواته المسلحة، قيادةً وأفرادًا، ولكل من وقف معها مدافعًا عن الحق والكرامة والسيادة. إن عمر الجيش السوداني الذي بلغ اليوم 71 عامًا ليس سوى بداية لتاريخ حافل سيمتد ما دام السودان قائمًا، وما دام رجاله على العهد ثابتين، وعلى القسم وافين. نصر الله قواتنا المسلحة، وحفظ الله السودان من كل مكروه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى