راي

شئ للوطن ــ  م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ الإعلام التربوي: ضرورة ملحة في سودان ما بعد الحرب والظروف الراهنة ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

لقد بات من الواضح أن الإعلام التربوي المتخصص، لا سيما في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها السودان، يمثل حاجة ماسة وملحة. فبعد أن حظيتُ بفرصة حضور ورشة عمل حول الإعلام التربوي ودوره في معالجة الوضع الراهن والأحداث الجارية، أدركتُ بعمق الفجوة الكبيرة التي يعاني منها إعلامنا السوداني في هذا الجانب الحيوي.
إن الحرب التي عصفت بالبلاد، وما خلفته من تداعيات على كافة الأصعدة، لم تكن استثناءً للقطاع التعليمي. فمع استمرار امتحانات الشهادة السودانية، والجهود المبذولة لتكثيف تدريس المنهج السوداني في مصر لاستيعاب الطلاب المتأثرين، يبرز الدور المحوري للإعلام التربوي كرافعة أساسية لدعم العملية التعليمية والتخفيف من آثار الأزمة.
يعيش الطلاب السودانيون، سواء داخل السودان أو في دول المهجر كـمصر، حالة من الضبابية والتشتت. فبين انقطاع الدراسة، ونقص الموارد التعليمية، والضغط النفسي الناجم عن النزوح والنزاعات، يصبح الإعلام التربوي المتخصص أداة لا غنى عنها لتقديم الدعم والمعلومات اللازمة.
فلنتخيل معًا كيف يمكن للإعلام التربوي أن يلعب دورًا فعالًا في توفير معلومات دقيقة وموثوقة حول جداول الامتحانات، والمناهج الدراسية، وكيفية الوصول إلى المواد التعليمية، خاصة للطلاب المتواجدين في مناطق النزاع أو الذين نزحوا، والدعم النفسي والمعنوي من خلال برامج توعوية تقدم نصائح للطلاب وأولياء الأمور للتعامل مع الضغوطات النفسية، وتشجع على المثابرة والتحصيل العلمي رغم التحديات، والترويج للتعليم البديل بتسليط الضوء على مبادرات التعليم عن بُعد، والمنصات التعليمية الرقمية، ومراكز التكثيف التعليمي في مصر، لضمان استمرارية العملية التعليمية، وبناء الوعي المجتمعي بحث المجتمع على دعم التعليم وتهيئة البيئة المناسبة للطلاب، والتأكيد على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري حتى في أصعب الظروف، وتوثيق التجارب الناجحة مع عرض قصص نجاح لطلاب تمكنوا من تجاوز الصعاب وتحقيق التفوق الأكاديمي، لبث الأمل وتعزيز العزيمة.
لا يكفي وجود أي إعلام، بل نحتاج إلى إعلام تربوي متخصص. وهذا يعني أن يكون لدينا إعلاميون مؤهلون ليس فقط في الجانب الإعلامي، بل ولديهم فهم عميق للشأن التعليمي والنفسي والاجتماعي للطلاب. يجب أن يكونوا قادرين على تبسيط المعلومات، وتكييف الرسائل لتناسب الفئات العمرية المختلفة، وتقديم المحتوى بطرق مبتكرة وجذابة، إن غياب هذا التخصص يترك فراغًا كبيرًا، ويجعل الرسائل التعليمية تائهة أو غير فعالة. ففي ظل الأوضاع الحالية، حيث يواجه الطلاب تحديات فريدة، لا يمكننا الاعتماد على رسائل عامة أو غير موجهة.
لتجاوز هذا النقص لمستقبل أفضل، أقترح توصيات منها تدريب الكوادر الإعلامية بتطوير برامج تدريبية متخصصة للإعلاميين السودانيين في مجال الإعلام التربوي، مع التركيز على مهارات التواصل في الأزمات والدعم النفسي، وإنشاء منصات إعلامية تربوية متخصصة سواء كانت قنوات تلفزيونية، أو إذاعية، أو منصات رقمية، تركز فقط على المحتوى التربوي الموجه للطلاب وأولياء الأمور والمعلمين. والتعاون مع المؤسسات التعليمية بإقامة شراكات قوية بين وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية ووزارة التربية والتعليم السودانية، لضمان دقة المعلومات وتلبية الاحتياجات الفعلية.
تضمين الإعلام التربوي في الخطط الوطنية، فيجب أن يصبح الإعلام التربوي جزءًا لا يتجزأ من الخطط الوطنية لإعادة بناء التعليم في السودان بعد انتهاء الحرب. والاستفادة من التجارب الدولية بدراسة التجارب الناجحة لدول أخرى مرت بظروف مشابهة، وكيف وظفت الإعلام التربوي للتخفيف من حدة الأزمات التعليمية.
إن الاستثمار في الإعلام التربوي هو استثمار في مستقبل السودان. فبناء الأجيال المتعلمة والواعية هو السبيل الوحيد لنهضة البلاد. وعلينا أن ندرك أن الإعلام التربوي ليس ترفًا، بل هو ضرورة قصوى يجب أن تحظى بالاهتمام والدعم الذي تستحقه، خاصة في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها وطننا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى