راي

شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ اليوم العالمي لمهارات الشباب: دعوة لشباب السودان في مصر للاستعداد لإعادة الإعمار ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

يحتفل العالم في الخامس عشر من يوليو من كل عام بـ اليوم العالمي لمهارات الشباب، وهو مناسبة لتسليط الضوء على الأهمية الحيوية لتزويد الشباب بالمهارات اللازمة للتوظيف، العمل اللائق، وريادة الأعمال. وفي ظل الظروف الراهنة التي يمر بها السودان، تكتسب هذه المناسبة أهمية مضاعفة، خاصة بالنسبة للشباب السوداني المتواجد في مصر نتيجة الحرب. إن وعي هؤلاء الشباب بضرورة تنمية مهاراتهم ليس مجرد خيار، بل هو واجب وطني واستعداد حيوي لـ إعادة إعمار وتعافي الوطن بعد انتهاء الصراع.
لقد دفعت الحرب الدائرة في السودان أعدادًا كبيرة من الشباب إلى النزوح واللجوء، تاركين خلفهم حياتهم وأحلامهم. ورغم قسوة الظروف، فإن هذه المحنة يمكن أن تتحول إلى فرصة للبناء والتطوير، إذا ما استثمر الشباب في أنفسهم واكتسبوا المهارات اللازمة للمستقبل. فالمرحلة القادمة في السودان تتطلب سواعد قوية وعقولًا مبتكرة لإعادة بناء ما دمرته الحرب، سواء على الصعيد العمراني، الاقتصادي، أو الاجتماعي.
إن الاستثمار في مهارات الشباب السوداني اليوم هو استثمار في مستقبل السودان. عملية إعادة الإعمار لن تقتصر على بناء المباني والبنى التحتية فحسب، بل ستمتد لتشمل إعادة بناء الإنسان والمجتمع. وهذا يتطلب مجموعة واسعة من المهارات، منها المهارات التقنية والتكنولوجية، مع التطور المتسارع في مجالات التكنولوجيا والرقمنة، ستحتاج عملية الإعمار إلى خبراء في التكنولوجيا الرقمية، تحليل البيانات، الذكاء الاصطناعي، والبرمجة لتحديث البنى التحتية وإنشاء أنظمة حديثة.
ستكون هناك حاجة ماسة لمبادرات شبابية في ريادة الأعمال والابتكار تخلق فرص عمل وتساهم في تنشيط الاقتصاد، وذلك من خلال مشاريع صغيرة ومتوسطة وشركات ناشئة تركز على الحلول المبتكرة للتحديات ما بعد الحرب، كذلك في ظل التحديات البيئية العالمية، ستكون هناك فرصة لدمج الممارسات المستدامة في عملية الإعمار، مما يتطلب مهارات في الطاقة المتجددة، الإدارة البيئية، والزراعة المستدامة وكافة أنماط المهارات الخضراء.
مهارات التواصل والقيادة. فبناء مجتمعات متماسكة يتطلب قادة شبابًا قادرين على التواصل الفعال، حل النزاعات، وتعزيز روح العمل الجماعي لبناء جسور الثقة وإعادة اللحمة المجتمعية، بجانب المهارات الناعمة مثل التفكير النقدي، حل المشكلات، والقدرة على التكيف، وهي مهارات أساسية للتعامل مع التغيرات والتحديات التي ستصاحب مرحلة ما بعد الحرب.
يُعدّ نموذج مبادرة “كيان شباب مستدام” التي ساهم في تأسيسها (المركز العربي للخدمات الصحفية) لصاحبته ورئيس مجلس ادارته دكتورة ست البنات حسن، التي تسعى لدمج التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في أنشطته، مثالًا ساطعًا لما يحتاجه الشباب السوداني في هذه المرحلة. عندما يتساءل الكيان: “هل أنت جاهز تصنع الفارق الحقيقي؟”، فإنها دعوة مباشرة لكل شاب سوداني لكي يكون جزءًا من الحل. وعود الكيان بـ “فرص حقيقية في وظائف المستقبل، ريادة الأعمال الخضراء الذكية، الابتكار والإبداع”، و”تدريبات عملية على مهارات القيادة، التواصل، والعمل الجماعي”، هي بالضبط ما يلزم لتمكين الشباب.
إن الفرص المتاحة للانضمام إلى مثل هذه الكيانات في مصر، والتي توفر “شبكة شباب ناشط وطموح يصنع تأثيرًا ملموسًا”، هي فرصة لا تقدر بثمن للشباب السوداني. فمن خلالها، يمكنهم ليس فقط تطوير قدراتهم الشخصية والمهنية، بل أيضًا بناء شبكات علاقات قوية، والاطلاع على تجارب ناجحة، واكتساب الخبرة العملية التي ستكون حجر الزاوية في بناء السودان الجديد.
على الشباب السوداني في مصر أن يدرك أن تواجده هنا ليس نهاية المطاف، بل قد يكون نقطة انطلاق جديدة. إن هذا التحدي هو فرصة لإعادة التفكير في المسارات المهنية، واكتساب مهارات جديدة لم تكن متاحة من قبل، والاستعداد لدور قيادي في عملية التعافي. لا تقتصر هذه الدعوة على المتفوقين دراسيًا فحسب، بل تمتد لتشمل الجميع، فلكل فرد دور يمكن أن يلعبه في بناء الوطن.
فلنجعل من اليوم العالمي لمهارات الشباب لهذا العام دعوة للعمل، دعوة للشباب السوداني في مصر لكي يتحلى بالوعي بأهمية تنمية مهاراته، وأن ينضم إلى المبادرات التي تمكنه وتسليحهم بالأدوات اللازمة ليصبح صانع التغيير الحقيقي. مستقبل السودان يعتمد على همم وعزيمة شبابه، وقدرتهم على تحويل التحديات إلى فرص لبناء وطن قوي ومستدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى