راي

شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ السماء الزرقاء.. حلم السودان المؤجل ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

 

عندما تقضي وقتًا على شواطئ العين السخنة، وتتأمل صفاء مياه خليج السويس بمصر وتلمس زرقة السماء التي تبدو وكأنها لوحة فنية، تدرك بعمق قيمة الهواء النقي والبيئة الصحية. هذه التجربة البسيطة، التي قد نعتبرها أمرًا مسلمًا به، تتحول إلى حلم بعيد المنال لأشخاص آخرين في أماكن أخرى. وبينما أستمتع حاليا أنا وأسرتي بهذا الصفاء، لا يفارق ذهني حال السودان الحبيب، الذي ما زال يعاني من صراعات وظروف بيئية تجعل الحديث عن “يوم دولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء” يبدو كأنه رفاهية بعيدة.
في السابع من سبتمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء. إنه يوم ليس فقط للاحتفاء بجمال السماء الصافية، بل هو دعوة للعمل الجاد لمكافحة تلوث الهواء، الذي يعد أحد أكبر المخاطر الصحية والبيئية في عصرنا. تلوث الهواء لا يقتصر تأثيره على الغبار والدخان، بل يمتد ليشمل الجسيمات الدقيقة والغازات السامة التي تسبب أمراض الجهاز التنفسي والقلب، وتؤثر على المحاصيل الزراعية والنظم البيئية. إنها أزمة عالمية لا يمكن تجاهلها.
بالنسبة للسودان، لم يعد تلوث الهواء مجرد مشكلة بيئية، بل أصبح جزءًا من أزمة إنسانية أوسع. الصراعات المستمرة أدت إلى تدهور البنية التحتية، وتعطيل الخدمات الأساسية، وزيادة النزوح الداخلي. كل هذه العوامل تساهم بشكل مباشر في تلوث الهواء، سواء كان ذلك بسبب الغبار المتطاير من المناطق المتضررة، أو حرق النفايات، أو تلوث المياه الذي يفاقم الأوضاع الصحية. في ظل هذه الظروف، يصبح الحديث عن نقاوة الهواء ليس فقط مسألة جمالية، بل ضرورة ملحة لاستعادة الصحة والكرامة للإنسان السوداني.
لذلك، يجب أن تكون عودة السماء الزرقاء إلى السودان أولوية قصوى. وهذا لا يعني فقط تبني سياسات بيئية، بل يتطلب جهدًا جماعيًا من كافة الأطراف. على المستوى الحكومي، يجب أن تكون هناك خطط لإعادة الإعمار تضع الاعتبارات البيئية في صلبها. كما أن الاستقرار السياسي والأمني هو حجر الزاوية لتحقيق أي تقدم بيئي، لأنه يتيح للمؤسسات العمل بفعالية. على المستوى المجتمعي، يمكن للمبادرات الصغيرة أن تحدث فرقًا كبيرًا، مثل التوعية بأضرار حرق النفايات، وزراعة الأشجار، والعمل على حماية الموارد الطبيعية.
إن السماء الزرقاء في السودان ليست مجرد حلم بعيد، بل هي رمز للأمل والسلام. إنها تذكير بأن الحياة يمكن أن تعود إلى طبيعتها، وأن الشفاء ممكن. عندما يعود السلام، وتستقر الأوضاع، سيتمكن السودانيون من التنفس بعمق مرة أخرى، ويصبحون قادرين على النظر إلى سماء زرقاء صافية، لا يلوثها غبار الحرب، بل تزينها أحلامهم وطموحاتهم في مستقبل أفضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى