راي

شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ الثبات في وجه مغول العصر: صمود السودان يكتب تاريخه الجديد ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

إنّ النداء بـ “الاستنفار العام لجميع مناطق السودان” ليس مجرد صيحة حرب، بل هو إعلان عن لحظة فارقة في تاريخ أمة عظيمة تواجه تحدياً وجودياً غير مسبوق. يجسّد نبض الشارع السوداني المقاوم، ويدعو إلى الثبات الذي هو مفتاح العبور من عنق الزجاجة نحو استعادة سيادة الوطن ووحدة أراضيه.
تتجسّد عظمة الشعب السوداني في هذه اللحظات الحاسمة. فالدعوة إلى “الثبات الثبات الثبات” تأتي لتواجه حالة من اليأس يحاول البعض الترويج لها. لكن السودانيين عن حق، شعب جسور، رابط الجأش، طُبع على أربعة شمائل جوهرية: حزم الفعل، استذكار النصر، إخفاء الغبن، وترجمة النشوة. هذه الطباع ليست مجرد صفات عابرة، بل هي ركيزة عقائدية في مفهومهم عن الوطن. فـ حزم الفعل هو الرد العملي على الهمجية، واستذكار النصر هو استلهام لتاريخ طويل من المقاومة، أما إخفاء الغبن فهو تعبير عن النُبل في أصعب الظروف، وترجمة النشوة هي التعبير الصادق عن الفرح بالنصر المستحق.
إنّ التطورات المتسارعة على الساحة السودانية تفرض على الجميع وأد حالة اليأس وإقبارها. هذه الحالة تتسلل إلى النفوس كلما حققت مليشيا آل دقلو (الجنجويد) تقدماً في ولاية أو قرية وترجمت فيها بربريتها، لكن هذه المكاسب الميدانية الزائفة تأتي نتيجة محاولات المليشيا اليائسة لـ تحقيق أية مكاسب بعد يقينها بانفراط عصابتها. هذا الانفراط ليس وليد صحوة ضمير، بل هو إدراك أن الركيزة العقائدية التي نجحت في إجماع الإرادة الشعبية السودانية لتكريسها هي أكبر من أن تواجهها بنادقهم وبربريتها الوحشية. فالمقاومة الشعبية والوطنية تتجاوز مجرد العمل العسكري إلى بناء مفهوم عقدي ثابت للوطن وسيادته لا يمكن هدمه بالرصاص أو التخريب.
لا يمكن تجاهل البُعد الدولي لهذه الأزمة. فالعالم بأجمعه يُقرّ بوجود أطراف دولية أسست استراتيجيتها الأمنية والاستخباراتية وحتى الثقافية الخاصة بتجريف الشعوب وسحق الأوطان. هذا هو ديدنها الذي تقوم به عبر التاريخ، معتمدة على أدواتها من أفراد ومؤسسات ومنظمات، وربما دول رهنت إرادتها لخدمة الرابح الوحيد والمتحكم بما يُراد له أن يكون. أنّ المعركة ليست داخلية بحتة، بل هي صراع إرادات بين مشروع وطني للحفاظ على السيادة والكرامة، وبين أجندات خارجية تسعى لتفتيت الدول وإضعاف الشعوب لتحقيق مصالحها الجيوسياسية.
الخلاصة الجازمة في هذا النداء هي: “سينتصر السودان”. هذا النصر ليس أمنية عابرة، بل هو يقين مستمد من صمود الشعب الذي ضرب مثالاً في مواجهة “مغول العصر”. إنّ هذه المواجهة الكارثية كشفت عظمة أرض المقرن المباركة.
بشائر النصر تحلّق في سماء السودان معلنةً إقبار عبث الجنجويد واندحار شرهم، لأنهم أيقنوا أنهم يواجهون مكوناً شعبياً يرتكز على مفهوم عقدي ثابت للوطن، وهو ما لا يلتقي قطعاً مع مفهوم مجموعات التيه ومجتمعات الارتهان. النصر حتمي لأنّه ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار لـ إرادة الحياة والسيادة على إرادة الفناء والتبعية. “سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ”. هذا الوعد القرآني يصبح حقيقة راسخة عندما يُترجم إلى فعل مقاوم وصمود شعبي.
الاستنفار العام حيز التنفيذ هو الطريق الوحيد لترجمة هذا اليقين إلى واقع، والعبور بالسودان العظيم إلى شاطئ الأمان والسيادة الكاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى