شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر ــ Ghariba2013@gmail.com دور الإعلام في ترسيخ ثقافة التسامح والتعايش السلمي: رؤية لمستقبل السودان ــ بعانخي برس
بعانخي برس

تلقيت دعوة كريمة لحضور ملتقى هام بعنوان “دور الإعلام في ترسيخ ثقافة التسامح والتعايش السلمي”، والذي تنظمه جامعة الدول العربية بالتعاون مع اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي في القاهرة. يمثل هذا الملتقى منصة بالغة الأهمية لبحث الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام في بناء مجتمعات أكثر سلامًا وتماسكًا، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه عالمنا اليوم.
إن الإعلام، بكل ما يمتلكه من أدوات وتأثير واسع، يشكل قوة هائلة قادرة على تشكيل الوعي العام وتوجيه الرأي. يمكن أن يكون أداة بناءة لتعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل والتعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع. وبالمقابل، يمكن أن يتحول إلى أداة هدم وتفرقة إذا ما تم استخدامه بشكل غير مسؤول أو لخدمة أجندات ضيقة تغذي الكراهية والعنف.
في سياق السودان، الذي يمر بظروف عصيبة بعد الحرب، يصبح دور الإعلام في ترسيخ ثقافة التسامح والتعايش السلمي أكثر إلحاحًا وأهمية. فبعد انتهاء الصراع، ستكون هناك حاجة ماسة لجهود متكاملة لإعادة بناء النسيج الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية. وفي هذا الإطار، يقع على عاتق الإعلام السوداني مسؤولية تاريخية في المساهمة بفعالية في هذه العملية.
والسؤال الهام ، كيف يمكن توجيه الإعلام السوداني لترسيخ ثقافة التسامح والتعايش السلمي؟، ولتحقيق هذه الغاية النبيلة، يمكن للإعلام السوداني أن يتبنى مجموعة من الاستراتيجيات والتوجهات، من أبرزها تبني خطاب إعلامي مسؤول، فيجب أن يرتكز الخطاب الإعلامي على قيم الوحدة الوطنية والتسامح والمواطنة المتساوية، وتجنب أي شكل من أشكال التحريض على الكراهية أو التمييز أو العنف، بجانب إبراز المشتركات وتعزيز الحوار ولتركيز على التاريخ المشترك والقيم الثقافية والاجتماعية التي تجمع بين مختلف مكونات الشعب السوداني، وفتح قنوات للحوار البناء والمفتوح بين هذه المكونات.
بالاضافة لتقديم نماذج إيجابية وتسليط الضوء على قصص النجاح والمبادرات الفردية والجماعية التي تعزز التسامح والتعايش السلمي في مختلف أنحاء البلاد، وتغطية إعلامية متوازنة وشاملة لضمان تمثيل عادل ومتوازن لجميع وجهات النظر والمكونات الاجتماعية في التغطية الإعلامية، وتجنب تهميش أو إقصاء أي طرف، والتوعية بمخاطر التعصب والعنف بتسليط الضوء على الآثار المدمرة للتعصب والعنف على الفرد والمجتمع، وتعزيز الوعي بأهمية حل النزاعات بالطرق السلمية.
ثم، دعم جهود المصالحة الوطنية والعمل كشريك فاعل في دعم جهود المصالحة الوطنية وعمليات العدالة الانتقالية، وتهيئة المناخ العام لتقبل الآخر والمضي قدمًا نحو المستقبل، وتدريب وتأهيل الكوادر الإعلامية، مع تزويد الصحفيين والإعلاميين بالمهارات والمعرفة اللازمة لتغطية القضايا الحساسة المتعلقة بالتنوع والتسامح والسلام بشكل مهني ومسؤول، والاستفادة من الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، باستخدام هذه المنصات بشكل إيجابي لنشر رسائل التسامح والحوار البناء، ومواجهة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة.
يمثل ملتقى “دور الإعلام في ترسيخ ثقافة التسامح والتعايش السلمي” فرصة قيمة للإعلام السوداني للاستفادة على عدة مستويات ومنها تبادل الخبرات والمعرفة والتعرف على تجارب الدول الأخرى في استخدام الإعلام لتعزيز التسامح والتعايش السلمي، والاستفادة من أفضل الممارسات والنماذج الناجحة، والتواصل مع ممثلي وسائل الإعلام والمنظمات الإقليمية والدولية العاملة في مجال تعزيز السلام والتسامح، وبناء شراكات يمكن أن تدعم جهود الإعلام السوداني.
والمطلوب الاطلاع على أحدث الاتجاهات والأدوات والتعرف على أحدث التقنيات والأدوات الإعلامية التي يمكن استخدامها لنشر رسائل التسامح والوصول إلى أوسع شريحة من الجمهور، ورفع الوعي بأهمية الدور الإعلامي والتأكيد على الدور الحيوي الذي يلعبه الإعلام في بناء مجتمعات مستقرة ومزدهرة، وحشد الدعم لتمكين الإعلام السوداني من القيام بدوره على أكمل وجه، والحصول على الدعم الفني والتدريب باستكشاف فرص الحصول على برامج تدريبية وورش عمل للكوادر الإعلامية السودانية في مجال تغطية قضايا السلام والتسامح.
ختامًا، إن المرحلة القادمة في تاريخ السودان تتطلب تضافر جهود جميع مكونات المجتمع، بما في ذلك الإعلام، من أجل بناء مستقبل يسوده السلام والعدل والتسامح. ويمثل هذا الملتقى خطوة هامة نحو تعزيز الوعي بالدور المحوري للإعلام في تحقيق هذه الغاية النبيلة، ونتطلع إلى مشاركة فاعلة ومثمرة تخدم مصلحة السودان وشعبه.