راي

د/ عبدالرحمن عيسي يكتب .. عندما يكون شيطان المصالح حضوراً،، تكون الهزيمة، ويضيع الوطن ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

 

د. عبدالرحمن عيسى

الحياة الشعبية السودانية مليئة بالطرائف والحكاوي التي تحمل في مضامينها دراسة فلسفية عميقة لكثير من ألامور التي نتعايش معها، ولكن في الغالب ما نستمع إليها ونتضاحك لها ومن ثم نًسقطها أو نمر عليها مرور الكرام !!!

يُحكى أن قرداً صغيراً، كان كل صباح يأتي ليجلس قرب والده محاولاً قياس طول زيله بزيل أبيه،، وهنا أقصد بالعامية السودانية (ضنب) وعندما يجد أن الفرق مازال بعيداً يهرب ليرتمي في حُضن أمه!! حتى جاء في صباح يوم من الأيام ووجد أنه قد بلغ طول زيل ابيه، فكانت أول معركة بين القردة والتي بدأت بنُكران الجميل، والتمرد على قوانين السماء…

للحرب المشتعلة الآن في البلاد أهدافها العميقة التي تخص أطراف قتالها، وهو أمر لا شك فيه ولكن كلا الطرفين يعرض على نافذة أحداثه مايطلبه المشاهدين والمستمعين على حد سواء!!
الأمر هنا ليس للمقارنة بين الطرفين، حيث هناك تباعد كبير بينهما،،
والأصل ماببقى صورة…

الجيش وكل داعميه يُحظون بشرعية الدفاع عن الوطن وانسانه، وهم صنيعة إرادة الأمة السودانية التي جعلوها رمز لعزة بلادهم وسيادته…
أما المليشيا التي تمردت على إرادة الشعب بتمردها على الأب الروحي لها، فهي بالتأكيد إبن غير صالح كحال إبن نوح، واظنها ستكون من المغرقين،ولكن…

قد وصفت في مقال سابق صدر عني بتاريخ 15/ديسمبر/2023 م حرب المليشيا كحال إندفاع مياه النيل والتي تبدأ بالهايج والاندفاع وهي خارجة من منابعها، ومن ثم يُصيبها الفتور في منتصف الطريق، ثم الشيخوخة والفتور الكامل عند المصب،، وخير برهان كمية (الدلتاوات) أي الجزر الصغيرة المنعزلة عند مصبها..

قوانين الطبيعية املت على المليشيا طبيعة حروبها بحيث لم تترك لها مجال لحروب الوطنية القائمة على بناء الدولة والذود عن حماها..
حروب المليشيا التي كانوا يخوضونها في مناطقهم، قبل أن تضع عليهم الدولة في السابق مساحيق التجميل الوطنية،، كانت عبارة عن حروب مشابه إلى حد كبير صراع البقاء بين الحيوانات في الغابة.
وهو أمر مشابه لسياسة حربهم الحالية على الوطن بعد أن سقط القناع وتكشفت الحقائق للجميع..

كثير من الناس يعتقد أن ما تقوم به هذه المليشيا من جرائم فظيعة أمر لا يمكن أن يرتقي إلى مستوى البشرية، وهناك من يلومون ويعتبون بغباء على قياداتها، ظناً منهم بأن التلاوم والتهديدات ربما تثنيهم عن صنيعهم القزر!! ولكن عزراً سادتي فهذه هي طبيعتهم التي جبلوا عليها،، وكما يُقال بأن الطبيعية جبل…
عليه وعلى الجميع أن يدركوا بأن التعامل مع هذه المليشيا لا يفلح إلا بالعصى الغليظة والبطش ثم الاخضاع الكامل لارادة الأمة، حتى نضمن أمنها واستقرارها، لتحقيق ذلك، كان لابد لنا أن نكتب مثل هذا القول وسنكتب حتى يجعل الله أمراً كان مفعولاً..

الجيش السوداني متكدس حد أذنيه هذه الأيام بالكثير ممن أرادوا نصرته، ونصرة الوطن، وكلاً حسب نواياه، إلا أن الحزر واجب عليه، فالمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين،، ولا أعتقد بأن الشعب السوداني يستحق أن يكون فئران تجارب مجدداً !!!

وهنا وجب على الجيش أن يُراجع انتصاراته التي تعقبها كوارث ممنهجة، لا تشبه صنيعهم، ولا صنيع الصادقين من حولهم، ولكن لماذا في الغالب ماتكون الأجندة الخفية حضوراً بين ظهراني هذا المهرجان الوطني؟؟؟ ..

أعتقد بأن المشهد بدأت تظهر ملامحه بوضوح كبير بعد تحرير أم المدائن ودمدني، وأن الظلام بدأ ينقشع، وهناك من استغل انشغال الجيش والقوات المشتركة وغيرهم من الصادقين وهم مهمومين بتأمين حدود المدينة، فكانت الفظائع التي لا يُنكرها إلا مكابر في تجاوز واضح لقواعد وقوانين المؤسسات العسكرية الوطنية، فالكل يعلم بأن الجيش السوداني يعمل بمهنية عالية تشبع بها لقرابة المائة عام ونيف من الشهور، تجعله يفرق بين الأبيض والأسود، وأن اجهزته الاستخباراتية لا يمكن أن تعتمد على اباطيل القول الذي يخرج من بعض المواطنين الحانقين،، ولها من قوانين القبض والاستجواب واستخراج المعلومة ما لها من وسائل،، والجيش يعلم تمام اليقين بأن حياة الضحايا الذين تم قتلهم كانت أفضل لاجهزته الأمنية بغية الحصول على المعلومة الحقيقية للمليشيا من مصدر التعاون نفسه، ولكن كانت هناك أيادي ظلامية أرادت طمس الحقائق التي يمكن أن تستخلص، وتعمل على توريط فئات ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وقتما كان الجهل يعتريها، فقد نُهبت الولاية، وقُتل أبنائها الأبرياء، واغتًصبت حرائرها ووو!!!

الغريب في الأمر أن الأيادي الظلامية المجرمة التي فعلت ما فعلت ومازالت خلاياها تعمل في ستر من اليل،، تحاول ابواقها الإعلامية القزرة الصاق التهم الجُزاف بالشرفاء من شباب القوات المشتركة، والغريب أن هناك من يدعمهم مؤيداً للباطل..
القوات المشتركة التي ضربت أروع الأمثال بوقفتها الحقيقية والدفاع عن أهلهم في كل ربوع البلاد وليس في حواضنهم أو مناطقهم الجغرافية فقط !!
القوات المشتركة التي أكدت أنها نتاج تجربة مأساوية ظُلم فيها أهاليهم ظلماً لا ينكره إلا منافق، ظلماً جعلهم يحملون البنادق لابعاده، بالتأكيد لا يمكن أن يظلمون غيرهم،، وبالتاكيد المظلوم يعرف قساوة الظلم، ولا يمكن أن يكون إلا في خطين متوازيين مع الظالمين..

بلاشك أن الحشد للحرب، يأتي بالكثير والكثير فهناك من هم بارعون في الاصطياد في مواسم الصيد الثمين ولو كان على حساب الوطن،، وبالفعل هناك الصادقون، وما أكثرهم، وسيذهب الذبد جُفاء بكل تأكيد وما ينفع الناس هو الذي سيمكث، ولتحقيق ذلك لابد أن يكون الحزر ملازم للقضية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى