
الناظر لحال السودان كدولة يجد أنه كبلد لايفتقد سوي عقول راشدة ونزيهة تمتلك الجرأة في صنع القرارات المصيرية وتطبيقها بكل حزم دون الإكتراث لما يترتب على ذلك من ردود فعل قوية وأصوات عالية لكل من يتضرر من تلك القرارات ضررا شخصيا، والصحافة علمتنا خلال عقود أن أصحاب القضايا الشخصية دائما مايوكلون في مواجهة قضاياهم لأشخاص وأحيانا لايملكونهم كامل المعلومة ويحتفظون بالنصف الأخر وهو الحقيقية الكاملة.
فإن إعادة ترتيب وتوظيف الموارد تعتبر من القضايا المهمة التي فشلت فيها كل الحكومات السابقة وإن كان السودان كدولة بما يحتويه من موارد مادية أو بشرية وخاصة الأخيرة وهي الأهم لأن المورد البشري هو المحرك لكل تلك الموارد التي يكتنزها السودان وإن كان أغلبها لم تتفجر أو تم سلبها ولكن وفق كل ذلك يظل عامل ترشيد الموارد والصرف واحد من أهم الأشياء التي يجب على الدولة الإنتباه إليها والعمل على تقليص الكثير من المؤسسات وتقليل الصرف عليها.
السودان كدولة ظل ولسنوات عديدة يصرف الكثير من المال والعملات الصعبة على الكثير من السفارات والملحقيات والقنصليات التي تتوزع على معظم أرجاء المعمورة وهذا يتطلب من الدولة صرف أموال دولارية طائلة تصرف على طاقم هذه السفارات والملحقيات وموظفيها التي بات التعيين لها في فترة من الفترات مكانا للمكأفاة فأصبح يشغل بعض مواقعها الساسة بعد أن كانت وجهة للدبلوماسية والدبلوماسيين الذين يتلقون تدريبا وتأهيلا عاليا في مجال الدبلوماسية والعلاقات الخارجية وهما مهمان ويحتاجان لمقدرات عالية، والسفراء ظلوا يمثلون وجه السودان المشرق وسط شعوب العالم وجيرانه ويسعون لمعالجة قضايا أبناء الوطن المنتشرين في كل أنحاء العالم .
والسودان بوضعه الحالي ومايعانيه بسبب الحرب ويحتاجه من بناء فهو أكثر حاجة لتقليص تلك السفارات والملحقيات والقنصليات من أي وقت مضي لأنه بحاجة لتوفير كل دولار كان يصرف في مجاملات الأشخاص إلى مبلغ يساهم في نهضة البلد وتطورها.
إن إعادة النظر في السلك الدبلوماسي السوداني واحدة من أولي أولويات رئيس الوزراء القادم وأيضا مجلس السيادة والمناط بهم العمل على مراجعة هذا الوضع المترهل ولهذا العدد الكبير من السفارات والقنصليات والمحلقيات تركيزهما على أكثر الدول التي تربطنا بها مصالح ووجود كبير لجالياتنا فيها.