
*يس الباقر
ربما لم نكن من الذين عايشوا حقبة عمل النظارات الأهلية في ولاية الجزيرة ولكن تظل هذه البيوت والنظارات وعماداتها محل تقدير وإحترام كبير من قبل الكثيريين من أهل الجزيرة وبين من كانوا يقفون على أمرها علاقة يسودها الإحترام لما لا وهي قد لعبت دورا مهما في حل الكثير من القضايا وخاصة في حقبتي الخمسينات والستينات.
فمعروف أن هذه الإدارات الأهلية من نظارات وعمد قامت في شتي أرجاء السودان ساهمت بصورة كبيرة في حفظ التوازن القبلي بين القبائل وداخل كل قبيلة تصدر الكثير من الأحكام وتقيم المصالحات حال نشب خلاف أو قتال أو قدمت مظلمة للنظارة أو العمودية.
وكطبيعة البشر فإن النظارات تمارس عملها وأنشطتها في حركة الحياة ولذلك عندما قامت الأحزاب توزعت النظارات بينها وخاصة حزبي الأمة والإتحادي ولكن كل ذلك الخلاف السياسي كان يتم وسط أجواء يسودها الحب والتسامح ونشأت بينهم الكثير من المساجلات ولكنها لم ترقي بتاتا للوصول لمراحل العنف والتعنيف والخصام القبلي بين القبائل وكان نظار هذه القبائل يحتوون كل ذلك من خلال التواصل بينهم،كما وأنهم لايؤثرون في عمليات الإنتخاب لأن القبيلة ككيان تضم ألوان سياسية متختلفة لاحجر فيها لأحد.
والجزيرة كباقي الأقاليم ضمت الكثير من النظارات والعموديات لعبت دورا مهما في حياة الناس في تلك المرحلة من خلال أدوارها المجتمعية،
ومع تطور الحياة والتعليم بالبلاد وإنتشار الوعي إحتفظت هذه البيوتات بودها وعلاقاتها مع مجتمعها والمجتمع الذي يحيط بها ولم تنغمس في وحل السياسة العميق شأنها في ذلك شأن الكثير من النظارات في السودان والتي لم تجعل من العمل الأهلي مصدر لسلطة أو بحث عن مال، ولم تحرك قواعدها لتكون وقودا لخدمة مصالحهم بل أعلوا من شأنها ومن مبادائها بإعتبار أن نظاراتهم لها واجب تجاه الوطن ودور نحو المجتمع وساهمت بفاعلية مع الجهات المسؤولة في الدولة في حفظ أمن وسلامة الوطن ولم تكن بأي حال مصدر زعزعة وعدم إستقرار وأثبتت بمرور الأيام أنها نظارات ليست للبيع والتكسب لذا وجدت هذه النظارات الإحترام والتقدير،وهذا يجعلنا نبعث برسالة للإدارات الأهلية وقادة المجتمع كونوا خير دعاء للسلام والترابط المجتمعي وجسر تواصل بينكم وبقية المكونات الأخرى.