
ان السلام العادل في جوهره ليس سلامًا انتقائيًا أو مجزأ، بل هو سلام يشمل الجميع دون استثناء.
سلامٌ يعترف بكافة المناطق الجغرافية ويضعها على قدم المساواة، من أقاصي الشرق إلى جبال النوبة، ومن دارفور إلى النيل الأزرق، ومن الجزيرة إلى الشمالية.
هو سلام يُنصف النساء كما الرجال، ويعطي الشباب مكانتهم المستحقة، ويُصغي لصوت المهمّش قبل المتصدر.
سلامٌ يغطي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا يُقصي أحداً، ولا يُؤسس لظلم جديد تحت لافتة السلام.
فلا معنى لسلام لا يشعر به سكان القرى والبوادي، ولا أثر له في حياة العاطلين، أو المشردين، أو اللاجئين.
السلام العادل هو الذي يُعيد توزيع الفرص والاهتمام، ويجعل من السودان وطنًا يسع كل أبنائه بعدالة وإنصاف.
ففي وطن أنهكته الحروب، وتناوبت عليه الأزمات من كل حدبٍ وصوب، يبقى السلام العادل ليس مجرد شعار يُرفع في المحافل، بل ضرورة وجودية وحق إنساني أصيل.
السلام في السودان لا ينبغي أن يكون هدنة هشة تُعقد بين النخب المتصارعة ثم تنهار عند أول خلاف، بل هو مشروع حياة يعالج جذور النزاع ويعيد بناء الثقة بين مكونات الوطن.
السلام العادل هو ذلك الذي يقوم على العدالة والاعتراف بالمظالم ويعني ألا يشعر أحد في أطراف السودان بأنه مهمّش، أو أن صوته لا يُسمع، أو أن دماءه أرخص من غيره.
هو سلام يُبنى بإرادة أهل الأرض، لا يُفرض من الخارج، ولا يُصاغ على طاولة لا تمثل حقيقة المجتمع وتنوعه واحتياجاته.
إن السلام العادل في السودان يجب أن يعالج:
جذور التهميش التاريخي،
عدم التوازن في السلطة والثروة،
اختلال التنمية،
وقبل ذلك كله، يعيد الاعتبار للإنسان السوداني، كقيمة عليا.
لن يتحقق السلام إذا تجاهلنا أصوات النساء، والشباب، والنازحين، وأصحاب المعاناة الحقيقية.
ولن يتحقق إذا كان الهدف منه فقط توزيع المناصب والمكاسب السياسية.
السلام العادل هو الذي يضمن:
استقراراً دائماً، لا مؤقتاً.
مصالحة حقيقية، لا تصالح شكلي.
دولة مدنية قوية، لا دويلات تتحكم فيها المليشيات.
هذا هو السلام الذي يليق بالسودان… والذي يستحقه شعبه الصابر.
فلا سلام بلا عدالة، ولا عدالة بلا إنصاف… ولا إنصاف دون إرادة وطنية صادقة.