إن فوكس ــ نجيب عبدالرحيم najeebwm@hotmail.com ــ البرهان والرباعية.. المعارضة جهراً والاتفاق سرا ! ــ بعانخي برس
بعانخي برس

قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أكد خلال زيارته الأخيرة إلى مصر ولقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، على أهمية “الآلية الرباعية” كإطار يسعى لتسوية الأزمة السودانية ووقف الحرب وتحقيق الاستقرار إلا أن الجنرال نفسه، وبعد عودته من القاهرة، ألقى خطاباً في ولاية نهر النيل خلال عزاء أحد الضباط الذين قُتلوا في الفاشر أعلن فيه عدم ممانعته التفاوض مع الرباعية أو غيرها لإنهاء الحرب بما يحفظ كرامة السودان ويمنع تكرار التمرد ولكنه شدد في الوقت ذاته على رفض أي تفاوض تُفرض فيه الشروط وهنا يبرز السؤال من هي الجهة التي يقصدها الجنرال يبدو أن “الطاسة ضايعة” كما يقول المثل الشعبي.
الحرب في السودان تقترب من دخول عامها الثالث وقد تجاوز عدد ضحاياها ثلاثمائة ألف شخص فضلاً عن الجرحى والمفقودين والأسرى. ومع طول أمد الحرب وتفاقم معاناة الناس تراجعت مشاعر الغضب والحزن لتحل محلها حالة من التبلد واللامبالاة المواطن المنهك من ضغوط المعيشة بات يصارع من أجل البقاء ولا يعنيه كثيراً من يحكم بقدر ما يعنيه أن تتوقف الحرب هذا الانهاك النفسي والاجتماعي جعل الخوف من الحرب يتحول إلى خوف داخلي من التفكير فيها، حفاظاً على ما تبقى من سلام نفسي في ظل تلفيق التهم الجاهزة لكل من يدعو إلى السلام.
إن المأزق الحقيقي الذي تواجهه عملية السلام يكمن في تعنت الحركة الإسلامية التي دأبت على وضع العراقيل أمام أي تفاوض جاد، كونها المستفيد الأول من استمرار الحرب هؤلاء لا يأبهون بمعاناة المواطنين الذين نهبت أموالهم ودُمرت منازلهم وأصبحوا مشردين لقد أدت الحرب إلى واحدة من أكبر موجات النزوح في العصر الحديث إذ فر ملايين السودانيين من ديارهم بعضهم داخل البلاد وآخرون عبروا الحدود إلى معسكرات لجوء تعاني أوضاعاً مأساوية.
ولكي تنجح عملية السلام، لا بد من مواقف جادة من كل الأطراف تبدأ بجمع السلاح من أيدي المليشيات التي تقاتل باسم الجيش أو بجانبه فاليوم بات من الصعب التمييز بين الزي العسكري النظامي وملابس المليشيات مما سهّل على المجرمين انتحال صفات القوات الرسمية والقيام بعمليات نهب وسط الفوضى وانعدام الأمن وفي ظل هذا الانفلات صار المواطن هدفاً لكل من يحمل سلاحاً سواء كان نظامياً أو مدعياً.
الحرب اللعينة باتت شبحاً يطارد الجميع وإن لم يقتلك الرصاص أو القصف، قتلك المرض والجوع والقهر والعزلة إنها مأساة وطن وألم أمة.
ورغم الدمار والمجازر التي شهدها قطاع غزة فإن صمود أهله أعاد الأمل في قدرة الشعوب على فرض إرادتها إذ انتهت الحرب هناك باتفاق لوقف إطلاق النار حفاظاً على الأرواح وحقناً للدماء وهي رسالة بليغة بأن إرادة السلام يمكن أن تنتصر مهما كانت التضحيات فلا بديل للسلام إلا الفناء وكل من عليها فان.
غير أن ما يثير التساؤل في المشهد السوداني هو أن البرهان وفقاً لمصادر مطلعة وافق على اتفاقية الرباعية في القاهرة سراً ثم عاد ليعلن في الداخل رفضه لها علناً. هذا التناقض ليس جديداً عليه، فقد اعتاد على الإدلاء بتصريحات في الصباح ثم التراجع عنها مساءً تحت ضغط تيارات الإسلاميين و(اليلابسة). ومع كل مرة ينفي فيها وجودهم، يعلم الجميع أنهم متمددون في مفاصل الدولة العسكرية والاقتصادية وحتى داخل مكتبه.
ما يحدث في السودان سفك دماء وأموال الدولة أصبحت غنيمة في أيدي حكومة بورتسودان توزع لداعمي الحرب والمواطن الذي أنهكته الحرب ونهبت أمواله وممتلكاته وصار يكافح في صفوف (التكايا ) من أجل لقمة يسد بها رمقه في ظل ظروف صعبة سواء كانت أمنية أو اقتصادية .. ما يحدث جلل ومصاب عظيم يدمى القلوب وتبكيه الإنسانية.
الشعب السوداني الصامد لم يرتكب جرماً أو فساداً غير أنه طالب بالحرية والسلام والعدالة والكرامة التي سلبت منه بالبندقية وعندما يطالب بإيقاف الحرب المدمرة المجهولة الحسم لا ناقه له فيها ولا جمل يتهم بالخيانة والعمالة والحرمان من تجديد وثائق السفر الرسمية عن أي كرامة تتحدثون..!!
عندما تتضع الحرب أوزارها فإن مرتكبي الجرائم (والمجازر) ضد الإنسانية لن يفلتوا من العقاب…
الرباعية ومنبر جدة نافذة أمل في ظل سوداوية يعيشها السودان
المجد والخلود للشهداء والتحية للثوار الديسمبرون
لك الله يا وطني فغداً ستشرق شمسك