اخبار

نهله ابو نورة تكتب … الاحزاب السياسية لفترة ما بعد الحرب ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

نهلة أبونورة

الكل يعلم أن الاحزاب السودانية الكبرى منذ الاستقلال ظلت حبيسة داخل صوالين بيوتات أُسرية وتدار أمور السياسة فيها وفقاً للحسابات القبلية والجهوية مع وجود مراكز قوى داخلها تميل لفرض الهيمنة الأسرية الروحية والعقائدية .. ومع مرور الزمن وتسلط الحكومات العسكرية أصبحت هذه الاحزاب وقياداتها حبيسة السجون او حبيسة لمشاريع دول الجوار كمصر وليبيا واثيوبيا ويوغندا ، فقد يمم كل حزب باجندته إلى دولة لها مصالح في إسقاط النظام الحاكم .. فقد شاهدنا الجبهة الوطنية للاحزاب في ليبيا والحركة الشعبية في إثيوبيا ويوغندا وكينيا وجبهة الشرق في ارتريا والاتحاديين في مصر والإسلاميين في تحالف مع التنظيم الإسلامي الدولي ..
للأسف لقد كان لكل حزب مكتب عسكري مسؤول عن استقطاب ضباط الجيش والأمن لصالح مشروعه للاستيلاء على الحكم ..
و لتصحيح هذه الاوضاع السياسية والممارسة الديمقراطية بعد الحرب لابد من استصحاب كل هذه الثغرات لبناء نظام حكم مدني بأحزاب حقيقية بعيدة عن الاختراق الخارجي وتأثيرات السفارات المقيمة في السودان . فقد أظهرت فترة الحكم الانتقالي لثورة ديسمبر وما بعده مدى تدخل السفارات في الشأن السوداني وكيف أصبح السياسيين السودانيين يحجوا إلى هذه السفارات وأصبح السودان مخترقاً ومسترخصاً من دول يصعب فيها لسفير السودان لديها أن يتواصل مع مواطنيها ناهيك عن جهاتها السياسية ..
لذلك يجب أن تنشأ في السودان أحزاب بمعايير وطنية واضحة وذلك وفقاً لما يلي:
– أن تتكون بعد الحرب حكومة انتقالية من شخصيات لا حزبية تحت مجلس سيادة يتبادل معها المهام التنفيذية والتشريعية ولمدة لا تقل عن اربع سنوات
– أن يتم تسجيل الاحزاب بشروط محددة حيث لا تقل عضوية الحزب عن مليون مواطن وان تستخدم الوسائل الالكترونية في تسجيل العضوية وفقاً للأسماء والرقم الوطني ومكان الإقامة
– ضرورة تحديد المصادر المالية لهذه الاحزاب وتجريم الدعم الخارجي ويصبح استلام الدعم الخارجي بمثابة خيانة عظمى للدولة
– وضع قوانين تجرم على الاحزاب اختراق المؤسسة العسكرية وقوانين رادعة تمنع دخول العساكر في عضوية الاحزاب السياسية اثناء الخدمة
– يمنع منعا باتاً بالقانون تولي مزدوجي الجنسية اي مناصب دستورية وذلك لتضارب المصالح بين الجنسيتين ولتحصين الدولة من باب الحذر والاحتياط لأي اختراق خارجي
– تجريم تعاون وتواصل الاحزاب مع المنظمات الأجنبية والحكومية و غير الحكومية السياسية و التنموية خاصة وان السودان قد عانى كثيراً من هذه المنظمات وتدخلها في الشأن السياسي والوطني
– على الحكومة الانتقالية والحكومات المنتخبة لاحقا أن تجعل مشاركة الجيش السوداني خارج الدولة يخضع للموافقة الشعبية عبر الاستفتاء او عبر البرلمان خاصة وان تجربة القوات السودانية في حرب اليمن كانت لها تداعياتها على سمعة المؤسسة العسكرية السودانية .. كما أن تجربة الحرب الحالية أوضحت لنا جلياً كيف تعاملت الدول العربية ودول المنطقة مع الحرب السودانية بكثير من عدم الاكتراث وبعضهم أوغل سهمه في قتل الشعب السوداني .. هذا الشعب الذي أرسل أبناءه للكويت أثناء حربها مع العراق وأرسل أبنائه للعراق خلال الحرب الإيرانية وأرسل جنوده الى لبنان ضمن قوات الردع العربية وأرسل قواته لسوريا وأرسل قواته إلى جذر القمر لاستعادة استقرارها واعادة رئيسها ولكن اليوم تلعب جذر القمر دور سلبي تجاه الشعب السوداني وجيشه.
هذه المعايير والمؤشرات المطلوبة لاحزاب وحكومات ما بعد الحرب ليست فقط هي الأهم ولكنها الأوجب لقيام دولة مدنية تحترم سيادتها وشعبها وتحترم التباينش الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للمكون السوداني وتسيق دستورها بما يحمي ويعزز روح المواطنة المتساوية في حقوق المواطنة والواجبات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى