شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ يوم الغذاء العالمي: جرس إنذار يدوي في وجه الإنسانية ــ بعانخي برس
بعانخي برس

في كل عام، يتجدد الوعي بأهمية الأمن الغذائي مع حلول يوم الغذاء العالمي. هذا اليوم ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو تذكير صارخ بحجم التحديات التي تواجه عالمنا في توفير الغذاء الكافي والآمن والمغذي لجميع سكانه. إن الأرقام الصادمة التي يقدمها تقرير الأمم المتحدة حول انتشار الجوع وسوء التغذية تكشف عن عمق الأزمة، وتدعونا جميعًا إلى التحرك الفوري والجاد.
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الجوع وسوء التغذية في العالم، ولكن يمكن تلخيصها في مجموعة من العوامل المتداخلة منها الصراعات المسلحة، فتؤدي الحروب والنزاعات إلى تدمير البنية التحتية الزراعية وتشريد المزارعين وعرقلة وصول المساعدات الغذائية، تؤثر التغيرات المناخية بشكل كبير على الزراعة والإنتاج الغذائي، حيث تسبب الجفاف والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر في تدهور الأراضي الزراعية وانخفاض المحاصيل، كما يعاني الفقراء والمهمشون من انعدام الأمن الغذائي بشكل أكبر، حيث لا يملكون الموارد اللازمة لشراء الغذاء الكافي والمغذي، ويتم هدر كميات هائلة من الطعام على مستوى الإنتاج والتوزيع والاستهلاك، مما يمثل إهدارًا للموارد الطبيعية وزيادة في الضغط على الأراضي الزراعية، بالإضافة لغياب سياسات غذائية فعالة وواضحة المعالم يعيق تحقيق الأمن الغذائي، كما أن الدعم الحكومي للزراعة غالبًا ما يركز على المحاصيل التجارية على حساب المحاصيل الغذائية الأساسية.
الشباب هم عماد المستقبل، وهم الأكثر تأثرًا بآثار تغير المناخ والجوع. يمتلك الشباب طاقة إبداعية ووعيًا بأهمية الاستدامة، ويمكنهم أن يلعبوا دورًا حاسمًا في تطوير حلول مبتكرة لمشكلة الجوع. من خلال دعم المبادرات الزراعية المستدامة، والتوعية بأهمية الغذاء الصحي، والمشاركة في الحملات المناهضة للهدر الغذائي، يمكن للشباب أن يساهموا بشكل فعال في تحقيق الأمن الغذائي.
لا يمكن لأي فرد أو مجموعة أن تحل مشكلة الجوع بمفردها. يتطلب تحقيق الأمن الغذائي تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص. يجب على الحكومات أن تستثمر في الزراعة المستدامة، وتوفير الدعم للمزارعين الصغار، وتطوير البنية التحتية الريفية، وتبني سياسات غذائية عادلة وشفافة. أما المجتمع المدني، فيمكنه أن يساهم في توفير الغذاء للمحتاجين، ودعم المزارعين الصغار، والتوعية بأهمية الأمن الغذائي، والضغط على الحكومات لتبني سياسات غذائية مستدامة.
هناك العديد من الحلول التي يمكن اتباعها لتحقيق الأمن الغذائي، من بينها الزراعة المستدامة التي تعتبر هي الحل الأمثل لتحقيق الأمن الغذائي على المدى الطويل، حيث تساهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية وتحسين خصوبة التربة وزيادة الإنتاجية، ودعم المزارعين الصغار الذين يمثلون شريحة كبيرة من المنتجين الزراعيين في العالم، ويوفرون الغذاء لأغلبية السكان. لذلك، يجب دعمهم بتوفير التمويل والتدريب والتسويق، ويجب تشجيع التنوع الغذائي من خلال زراعة وإنتاج مجموعة متنوعة من المحاصيل، مما يساهم في تحسين التغذية وزيادة المرونة في مواجهة التغيرات المناخية، كما يجب اتخاذ إجراءات جادة للحد من هدر الطعام على جميع المستويات، من خلال تحسين سلاسل الإمداد الغذائي، وتوعية المستهلكين بأهمية ترشيد الاستهلاك، مع الاستثمار في البحث والتطوير الزراعي لتطوير أصناف جديدة من المحاصيل مقاومة للجفاف والأمراض، وتطوير تقنيات ري فعالة.
يوم الغذاء العالمي هو فرصة للتذكير بأهمية الغذاء في حياة الإنسان، وتجديد العزم على مكافحة الجوع وسوء التغذية. علينا جميعًا أن نعمل معًا، حكومات ومنظمات مجتمع مدني وشركات وأفراد، لبناء عالم خالٍ من الجوع، حيث يتمتع الجميع بحياة كريمة. إن تحقيق الأمن الغذائي ليس مجرد هدف، بل هو حق أساسي لكل إنسان.