راي

شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ جالية مصر (مجابدة) بين “المجلس القديم المحلول” و”المجلس الجديد الوهمي” ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

تعيش الجالية السودانية في مصر هذه الأيام على وقع ترقب مشوب بالحذر، مع انعقاد اجتماع هام اليوم، الاثنين 14 يوليو 2025، يجمع السفارة السودانية بالقاهرة، جهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج، وعددًا من الكيانات السودانية. الهدف المعلن: إعادة تكوين وهيكلة المجلس الأعلى للجالية. ولكن، هل يكفي عقد الاجتماعات لحل أزمة تمثيل عميقة و مستفحلة، أم أننا على أعتاب فصل جديد في مسلسل الإخفاقات؟
لقد باتت الجالية السودانية في مصر منهكة من تجارب مجالس تُشكل في “الغرف المغلقة”، وتوزّع فيها المناصب على أسس غير واضحة، لتنتهي دون أن تقدم شيئًا يُذكر لجموع السودانيين. المشكلة الأساسية هنا لا تكمن في الأشخاص فحسب، بل في منهجية التمثيل، والشرعية، والشفافية التي تغيب غالبًا عن هذه التشكيلات.
منذ اجتماع “بيت السودان” الأخير، والذي لم أدع له، رغم تاريخي الحافل في العمل العام ووسط الجاليات السودانية بالخارج، ومؤسس ورئيس لكثير من المنظمات والجمعية؛ الاجتماع الذي انفض بلا رؤية واضحة وغابت عنه آليات الاتفاق، تسرب شعور عام بالإحباط بين أبناء الجالية. يبدو أن الأزمة أعمق من مجرد اجتماع؛ إنها أزمة ثقة، وتمثيل، وشرعية. فهل يمكن أن تتجاوز السفارة وجهاز المغتربين منطق “الكراسي والمحاصصة” إلى منطق “البرامج والكفاءة” في هذه المحاولة الجديدة؟
الكيانات السودانية المتعددة، التي يفترض أن تمثل الجالية، تبدو غارقة في تصارع داخلي، تحاول كل واحدة منها فرض إرادتها أو على الأقل، الحصول على موطئ قدم داخل المجلس المرتقب. هذا التنافس الداخلي يهدد بتحويل أي مجلس جديد إلى مجرد “مجلس صوري”، يعكس “التمثيل الشكلي” و”التعيينات الجاهزة” التي اعتادت عليها الجالية.
المجلس المطلوب ليس مجرد هيئة للصور والمجاملات. بل هو ضرورة حتمية لتمثيل ملايين من السودانيين، بعضهم يعيش في ظروف صعبة ومعقدة. نحتاج لمجلس يُعبّر عنهم فعلاً، لا مجرد واجهة يُختار لها من يُجيد الكلام أو يملك صلة معرفة بالسفارة او جهاز المغتربين.
كي تنجح هذه المحاولة هذه المرة، لا بد من حوار شامل يضم كل الأطراف، وخاصة الشباب، والمرأة، والمناطقية المهمشة التي غالبًا ما تُستبعد من دوائر صنع القرار. يجب أن تكون السفارة طرفًا مُيسّرًا لا متحكمًا، وأن تمتد يدها لكل الفاعلين في الجالية. عدم إشراك القواعد، وغياب الشفافية، واستبعاد العناصر الشابة والكفاءات النسائية، كل ذلك يجعل من أي مجلس مجرد بناء هش، سرعان ما يسقط عند أول اختبار حقيقي.
إن الإصلاح لن يكون حقيقيًا إلا إذا تغيرت الآلية لا فقط الأسماء. وإلا، فإننا سنشهد تكرارًا لإخفاقات الماضي، بل وربما نجد أنفسنا أمام مشهد عبثي تتمثل فيه الجالية في “مجلسين”: المجلس الأعلى الحالي الذي لن يحل نفسه مبررًا ذلك بمبررات واهية، والمجلس الجديد الوهمي الذي سيبقى مجرد حبر على ورق، لتظل الجالية السودانية في مصر مجابدة بين واقعين لا يمثلونها حقًا.
فهل نرى بداية جديدة تليق بتطلعات الجالية، أم أننا على موعد مع تدوير آخر لأزمة التمثيل المزمنة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى