راي

شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر ــ Ghariba2013@gmail.com الفاشر تحت الحصار: صرخة إنسانية مدوية في وجه الصمت العالمي ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

بأشد العبارات وأعمق مشاعر الأسى، ندين الأعمال الوحشية والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر السودانية. إن فرض حصار خانق لعدة أيام على هذه المدينة المنكوبة، ومنع وصول قوافل الإغاثة التي تحمل بصيص أمل لمئات الآلاف من المحاصرين، ثم قصف معسكر زمزم للنازحين، والذي أسفر عن استشهاد مئات الأبرياء ونزوح أعداد لا حصر لها، يمثل فصلاً مروعاً في سجل الصراعات الدامية التي تمزق السودان. هذه ليست مجرد أرقام وإحصائيات، بل هي قصص إنسانية مؤلمة، وحياة بريئة أزهقت، ومستقبل غامض ينتظر الناجين.
إن هذه الممارسات اللاإنسانية قد فجرت كارثة إنسانية مركبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. آلاف المدنيين، الذين نزحوا قسراً من ديارهم بحثاً عن الأمان، يجدون أنفسهم اليوم في العراء، بلا مأوى يحميهم، وبطون خاوية تتضور جوعاً، وأفواه عطشى تبحث عن قطرة ماء تروي ظمأها. وفي ظل الغياب شبه التام للرعاية الصحية، يصبح كل جرح بسيط تهديداً حقيقياً للحياة، وكل مرض عابر شبحاً يتربص بالضعفاء. وما يزيد الطين بلة هو اقتراب موسم الخريف، الذي ينذر بأمطار غزيرة ستزيد من معاناة النازحين، وتحول حياتهم إلى كابوس حقيقي، وتنشر الأمراض والأوبئة في صفوفهم.
إن ما يحدث في الفاشر ليس مجرد صراع محلي، بل هو وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء. إنه اختبار حقيقي لضمير العالم، وقدرته على التدخل لحماية الأبرياء ووقف نزيف الدماء. لقد آن الأوان للمجتمع الدولي، وعلى رأسه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أن يتحمل مسؤولياته التاريخية تجاه الشعب السوداني. لم يعد مقبولاً الاكتفاء ببيانات الإدانة والتنديد، بل يجب ترجمة هذه المواقف إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع.
إن مطالبتنا اليوم واضحة وصريحة: يجب الامتثال الفوري لقرار مجلس الأمن القاضي بفك الحصار الظالم عن مدينة الفاشر، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية دون أي قيود أو شروط. يجب تمكين المنظمات الدولية والإنسانية من أداء واجبها المقدس في إيصال الغذاء والدواء والمأوى إلى أولئك الذين فقدوا كل شيء. كما يجب ضمان حرية حركة المدنيين، والسماح لمن يرغب من النازحين بالعودة الآمنة إلى ديارهم التي أجبروا على تركها.
في هذا المقام الأليم، نتقدم بخالص التعازي وعميق المواساة لأسر الشهداء الذين سقطوا ضحية هذا العنف الهمجي، ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى والمصابين. ونؤكد للعالم أجمع أن هذه الجرائم البشعة لن تسقط بالتقادم، وستظل حاضرة في ملفات العدالة الدولية، تنتظر ساعة الحساب والإنصاف. إن صمتنا تواطؤ، وتجاهلنا جريمة أخرى تضاف إلى سجل الانتهاكات. فلنرفع أصواتنا عالياً، مطالبين بإنهاء هذه المأساة الإنسانية، وتحقيق العدالة لضحاياها، وحماية المدنيين الأبرياء الذين باتوا رهائن لصراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل. إنقاذ الفاشر هو إنقاذ للإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى