إن فوكس ــ نجيب عبدالرحيم najeebwm@hotmail.com ــ التنمية المتوازنة – من تصحيح الاختلال إلى بناء العدالة! (3 ) ــ بعانخي برس
بعانخي برس

لا يمكن الحديث عن مستقبل السودان بمعزل عن سؤال التنمية، ولا يمكن الحديث عن التنمية من دون مواجهة حقيقة الاختلال العميق الذي لازم توزيع الموارد والفرص لعقود طويلة. فمنذ الاستقلال، ظل النمو الاقتصادي في السودان حبيس المركز، واستُبعدت أطراف البلاد من خطط التنمية الجادة، حتى تحولت مناطق واسعة إلى ما يشبه “الهوامش الدائمة”، تنتج الثروات لكنها لا تجني ثمارها، وتدفع ثمن السياسات لكنها لا تشارك في صنعها.
إن سوء توزيع التنمية في السودان ليس وليد ما بعد الاستقلال فحسب، بل يرجع جذره الأساسي إلى عهد الاستعمار البريطاني، الذي أسّس بنية الدولة الحديثة بما يخدم مصالحه الاقتصادية والإدارية. فتركّزت الاستثمارات والبنى التحتية في مناطق بعينها تخدم زراعة القطن وتصديره، فيما تُركت مساحات شاسعة من البلاد دون مدارس أو مستشفيات أو طرق، لتُعزل فعليًا عن مسار “الدولة الحديثة”. وقد ورثت الحكومات الوطنية المتعاقبة هذا النمط المختل، وبدلاً من تفكيكه، كرّسته في معظم الأحيان.
هذا التفاوت التاريخي ليس مجرد إحصاء اقتصادي، بل هو أحد الجذور العميقة للنزاعات المسلحة، ومصدر دائم للاحتقان الاجتماعي والسياسي. فلا تنمية بلا عدالة، ولا استقرار بلا إنصاف. وإذا أردنا فعلاً أن نعيد بناء السودان على أسس جديدة، فلابد من تبني مفهوم التنمية المتوازنة، التي تُعيد توزيع الموارد بشكل منصف، وتكسر المركزية المتجذّرة، وتمنح كل منطقة في البلاد حقها في التقدّم والخدمات والفرص.
التنمية المتوازنة لا تعني فقط إقامة مشاريع عمرانية في الأطراف، بل تعني أولاً وقبل كل شيء إعادة النظر في فلسفة الدولة ذاتها، في كيفية اتخاذ القرار، في من يتحكم في الاقتصاد، وفي من تُخدم السياسات العامة. إنها دعوة لتوزيع السلطات والموارد، كما هي دعوة لتوطين القرار التنموي داخل المجتمعات المحلية، بحيث تكون لكل ولاية ومدينة وقرية القدرة على صياغة أولوياتها، وتنفيذ مشروعاتها، ومساءلة مسؤوليها.
لا يكفي أن نعد بإنشاء بنية تحتية في بعض المناطق إذا لم نغيّر المنظومة التي همّشتها من الأصل. ولا معنى لإنشاء طريق أو محطة كهرباء إذا لم يكن ذلك جزءًا من رؤية شاملة تُبقي الإنسان في مركز التنمية، وتمنحه أدوات الإنتاج والارتقاء. فالتنمية ليست مشروعات معزولة، بل منظومة مترابطة تُعيد توزيع الفرص التعليمية، والرعاية الصحية، والعمل الكريم، والتمثيل السياسي، والمشاركة الاقتصادية.
التنمية المتوازنة تتطلب سياسات جريئة، لا تخشى تفكيك الامتيازات التاريخية التي تراكمت في المركز على حساب الأطراف. تتطلب الشفافية في إدارة الموارد الطبيعية، خاصة النفط والذهب، وربط العائدات بمشروعات تنموية ملموسة تعود على المجتمعات المحلية. كما تتطلب إصلاح النظام المصرفي، وتوجيه التمويل نحو القطاعات الإنتاجية الصغيرة في الريف، وتحفيز الشباب والنساء على خلق مشروعاتهم الخاصة.
ولا بد من ربط التنمية بالعدالة البيئية، فالعديد من المناطق في السودان تعاني من آثار التدهور البيئي، والتصحر، وشحّ المياه، وكلها عوامل تفاقم الفقر وتدفع إلى النزوح. لذا يجب أن تكون التنمية المستدامة جزءًا من مشروع الدولة، لا شعارًا في الوثائق الرسمية. التنمية التي تدمر البيئة، أو تحرم الأجيال القادمة من حقوقها، ليست إلا تكرارًا لفشل سابق بثوب جديد.
إن الرؤية التنموية التي نحتاجها ليست تفضيل منطقة على أخرى، بل تأسيس لعقد اجتماعي جديد يقرّ بأن كل بقعة في السودان تستحق الحياة الكريمة، وأن العدالة في التنمية هي الضامن الأول للاستقرار السياسي والاجتماعي. وعندما يشعر الناس في دارفور أو النيل الأزرق أو شرق السودان أو كردفان أو الشمالية أنهم شركاء فعليون في الوطن، لا مجرد سكان على الهامش، عندها فقط يمكن الحديث عن وطن موحّد قابل للنهوض.
وإذا كنا جادين في بناء سودان جديد، فلابد أن تصبح التنمية المتوازنة حجر الزاوية في هذا المشروع. لا كتعويض رمزي عما مضى، بل كحق أصيل غير قابل للتفاوض. فالماضي علّمنا أن التهميش يولّد الغضب، والغضب يولّد العنف، والعنف يدمّر كل شيء. أما العدالة، فتبني، وتُصالح، وتفتح الطريق ولإعادة الثقة، لتمكين المجتمع من بناء مستقبله بكرامة.
الديمقراطية لن تأتي بالبندقية مهما حدث ويحدث سيسكت صوت البندقية ..لا تنسوا ألحان الديسمبريون ( الأسود غير المروضة ) .. السلطة سلطة شعب . الثورة ثورة شعب .. العسكر للثكنات والجنجويد ينحل..
نقول للبروف الأنيق (كيمو) .. لا ( أمل في أمل) لأن القرار يملكه حامل البندقية
في اللية الظلماء يفتقد البدر .. نسال الله الشفاء العاجل للمناضل الجسور الزميل أشرف عبدالعزيز رئيس تحرير جريدة الجريدة
مسار الوسط من أنتم ومن الذي فوضكم يا أرزقية وهل يعقل أن يقود أعمى بصير ؟؟
لا للحرب .. لا للدمار .. لا للموت المجاني ..لا وألف لا.. نعم للسلام..
المجد والخلود للشهداء
لك الله يا وطني فغداً ستشرق شمسك